المعلمة آسيا العواجي إحدى المستفيدات من شبكة اللغة العربية تشاركنا قصة نجاحها

قصة تستحق أن تروى



إن العربية التي شرّفها الله تعالى لتكون لغة كتابه تعاني تحديات كثيرة في زماننا هذا؛ مما يحتم على عشاقها ومعلميها التفكير بطرق وأساليب جديدة في تعليمها .

فالطالب اليوم يعيش زمانًا تسوده العامية وتتعدد فيه اللهجات مما يخلق عنده ازدواجية بين ما يسمع في محيطه وبين ما يقرأ .

لطالما كنت أفكر كيف يمكن أن أرتقي بالمستوى اللغوي لطلابي "قراءة ومحادثة وكتابة"؟ وكيف لي أن أبحر بهم لأطلعهم عل أسرارها وجمالها؟ هذه اللغة العظيمة التي لم يعرف لها في كل أطوار حياتها لا طفولة ولا شيخوخة، تعاني قصورًا من أهلها، فعندما يصل الأمر عند كثير من الطلبة إلى عدم القدرة على تمييز النوع الأدبي -كما حصل في مسابقة المقالة العام الماضي حيث شارك العديد من الطلبة لكنهم لم يقدّموا مقالًا بل أغلب المشاركات كانت قصصًا أو خواطر- هذا ينذرنا بخطورة المشكلة ويدعونا إلى العمل بجدية لإعادة النظر في طرائق تدريسنا .

إن مشاركتي في شبكة اللغة العربية لم تكن وليدة الصدفة أو الحظ، فأنا أعي الدور الكبير والتعليم النوعي الذي تقوم به أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين، مما دفعني منذ البداية الانتقال من مدرستي التي لم تشارك في البرنامج التدريبي إلى مدرسة أخرى أبعد لكنها تحظى بفرصة التدريب .



لقد كان قراري صائبًا فما إن بدأت ورشة القراءة المكثفة، حتى بدأت تؤتي ثمارها في الغرفة الصفية ولم يعد دوري يقتصر على التعليم أو التلقين، بل تمكنت بهذا التدريب من خلق ثقافة حصة يعي كل من المعلم والطالب دوره بصورة صحيحة ومدروسة فيها، فبعد أن أقدم النمذجة الصحيحة لطلابي ينطلقون بعمل فردي ثم ثنائي فتعرض الإجابات وتقدم التغذية الراجعة المناسبة ثم يطبق الطلاب ما تعلموه على أي نص متجاوزين حدود زمان المدرسة ومكانها.

لقد ساهم ذلك في تعزيز ثقة الطالب بنفسه وبغيره من زملائه من خلال الاستعانة بشريك القراءة وزاد تقديره بأهمية الوقت وضرورة توزيع المهام .

ثم حطت بنا ركاب التدريب في ورشة قراءة القصة فانطلقت بطلابي وقررنا دخول عالم القراءة والبدء بحماس، تعرفنا العديد من الأصدقاء الجدد، وقمنا بوضع توقعاتنا حول الشخصيات والأحداث، انكسرت خلالها الصورة النمطية الموجودة في أذهاننا في كثير من الأحيان، كم بحثنا عن المعاني المختبئة خلف الكلمات وبين السطور .
                                
لقد كانت فرحتي كبيرة وأنا أرى سجلات القراءة تنمو يومًا بعد يوم فشارك أحد طلابي بمسابقة تحدي القراءة العربي بعد أن أتم قراءة خمسين قصة، وقمنا بعمل مكتبة متنقلة أطلقنا عليها اسم حافلة المعرفة تحمل القصص المنتظرة بشغف كبير .

وإذا رأيت ثم رأيت تلك الظلال الوارفة والأغصان اليانعة فاعلم أنك وصلت جلسة كتابة القصة الشخصية عشنا لحظات ونحن نقوم بتوليد لحظات الكتابة وكتبناها تارة باستخدام الخط الزمني وأخرى باختيار اللحظة الأجمل وبسطها، فتعرفت طلابي وبنيت جسورًا من الحب والتقدير وكأني لم أعرفهم من قبل، استمعت قصصهم ومغامراتهم ولحظاتهم السعيدة أحيانًا والمثيرة أحيانًا أخرى .
   

ولكي لا يشرب طلابي مياهًا آسنة بل متجددة في كل مرة دعوتهم لقراءة النص المعرفي قراءة ناقدة تتجاوز تلك القراءة المقتصرة على الفهم البسيط فظهر بينهم من يكشف المعاني السابرة ويبحث عن المعلومة بأكثر من مرجع ويحلل ويقدم رأيه معززًا بالشواهد والأدلة.
  
إن ورشات التدريب وضحت الأهداف في أذهان طلابنا مما أدى إلى وضوح الأسلوب والطريقة وبالتالي تحققت الغاية وذلك بالاستعانة بوسائل الإيضاح في دروس القراءة من صور وبطاقات وبتوزيع الوقت على خطوات الدرس فلا يطغى جانب على آخر .

ساعدني التدريب على ترسيخ صورة المعلم القدوة الذي يقدم الأنموذج الأمثل فينطلق بعدها طلابي قراء ومحللين ومقيمين وناقدين ليتحقق بذلك التعلم الدائم المرتبط بالحياة، وننجح في إيجاد القارئ الخبير الذي نريد .

لقد كان لشبكة اللغة العربية أثر كبير في حياتي المهنية وما حصولي على جائزة المعلم المتميز للعام 2017 إلا كلمة شكر وتقدير لكل من قدّم لي يد العون وساعدني للارتقاء بطلابي وبمسيرتي المهنية. 

إذا أردنا أن نكون.. يكون ما نريد .
آسيا علي العواجي 
لواء ماركا .

شارك المقالة عبر:

اترك تعليقا:

اعلانك هنا