قصة نجاح المعلم فايز
السلامات
مدرسة يعقوب هاشم
الثانوية
لواء قصبة عمان
الفضلُ كلّه لله.
لا أعرف للبدء مكان
يذكر، لكنت بدأت من بدئه، يقال: من علمك حرفا كنت له ودّاً، وله فضلٌ يُعرف به.
مرّت تلك السنين
التسع سريعا، في منهلين مختلفين من منابر التدريس، في قصبة عمان، كانت قديما عمان
الأولى، كان التدريس كما هو عند أغلب من بدأ هذا الطريق في العطاء، أبتدأتُ
التدريس عفويّاً، ناظرا خلفي زمانياً كيف كان تدريسهم جامعيا، كيف كانت الخبرة
التي اكتسبها أولئك المحاضرون، اهتديت بنورهم زمناً متصلا إلى هنا، والمكان أبقى
في الذاكرة من الزمان دوماً؛ فهو يربط ذاكرتك بألوان وأصوات وتضاريس ومواقف.
تدرّج الأسلوب بفضل
من الله صعودا مع مرور السنين، لا يخلو من ابتكار ، وطرْقٌ جديد لأبواب التواصل من
قراءة وكتابة ومحادثة واستماع، فكنت أعلّم كيف تقرأ؟ وتكتب؟ وتستمع؟ وتتحدّث؟
كما مرّت تلك
السنين سريعاً، مر يومان سريعان ذوقاً، متخمان فائدةً، في أكاديمية الملكة رانيا
لتدريب المعلمين ، قبلهما في صباح اليوم الأول فقد تأخرت وزميلي بضع دقائق؛ فكانت
المفاجأة بانتظارنا : تلك الحفاوة في الاستقبال، واللباقة تحدُّثا، والأمانة في
العطاء، والكرم في انتظارنا، وبدأت حلقة الدرس، سياقٌ واشتقاقٌ وتسلسل زمنيٌّ،واستخراج
للأفكار، ورسم صور ذهنية .
كلها مسميات لم
أعهد لفائدتها نظير، فقد كانت الاستفادة موصولة تستخدم لكل عمر وفئة، لا أجد مع
هذا العطاء إلا رد العطاء الى طلبتي منهمرا، كما هُمِر قبلا.
سياقٌ ولك أن تتفنن في الاستفادة منه عند اعتكازك عليه، لفهم
معنى كلمة صعبة لا تعرف معناها، فإنك لا تألُ وتملُّ من فهم معناها مندرجا من أول
الجملة الى آخرها.
واشتقاقٌ من الشقِّ
، لا شقُّ قماش بل اشتقاق أصل الكلمة وصولا الى فعلها ، وربط معنى الفعل بكلمته
الام.
فإن فهمت معاني
سابقة ذُكرت، فإنّك تندهش من طريقة مريحة وسلسة، في فهم القراءة ومعناها، وهي
استخلاص الأفكار الرئيسة من النص، واعتمار قبعة الناقد، متحسّسا جماليته ومحددا
مواطن أهميته وقوته وضعفه، وهي بحق قد اتحفت الطلبة وعززت قوة من ضعف منهم.
لا إهمال للقصة ، فحياتنا
قصة سوف تُروى، فكانت استراتيجية التسلسل الزمني للأحداث قلم ممتلئ حبره، يسطو على
فكرة القصة وينهب ما فيها من أحداثٍ، ويرتّبها أمامك مطيعة مذعنة.
لكلٍّ منّا تجربة
قد زادت له، وزاد لآخرين منها، كل من عرف تلك الطريق لا محالة سائرٌ لاستفادة،
زادتنا التجربة قوة، وأعددنا لكل طرف ضعيف في شجرة الدرس زيادة في قطرة ماء له
خاصّة يكتسبها وحده، فان اكتسبها وحده فهذه وحدها نقلة نوعيّة في علاقته مع فهمه
النص، وقد زاده ضعفه قوة.
من خلال مجموعات
متّصلة متوافقة، ينشط الكالُّ، ويتفاءل المالُّ، عمق يتعانق مع ثقة في علاقة
الطلبة، يقدمون أكثرهم كللا ومللا ليجيب عن سؤال طُرِحَ... سهلٌ عليهم، عصيٌّ
عليه، منطلقين من مبدأ الإيثار، علاقات تبددت مؤلمة عند اتفاق المجموعة على إجابة
مضحكة ، أو طرفة مرافقة لفكرة.
أصبح واحدهم محتاجا
للمجموعة، والمجموعة تقوى بالواحد، زادت عندهم قابلية للتعلم، وان كان يتماشى مع
استمتاعهم بطرق جديدة تبتعد عن المطروق، فقد سمعنا أصواتا عالية معبرة، غير ما ظنّ
البعض منهم، تتقاطع المفاجأة كعبارة مع الواقع كصفحة استمرارها في إبداع الناظر.
آفاق متفتحة ،
وآمال تتراءى لنا من بعيد بانتظار ورشة الكتابة، عجبا لكل ما قيل وما زلنا نقرأ،
فكيف إن نفث الحبر عبيرا على ورقة نديّة.