صورة لطلبة داخل الغرفة الصفية
قد تختلف تجربتي في برنامج شبكات الرياضيات عن بقية زملائي في وزارة
التربية والتعليم؛ فقد خدمت في الوزارة 12 سنة في تدريس الرياضيات ولكافة المراحل
الأساسية والثانوية، وحققت العديد من الانجازات على مستوى المملكة؛ فقد أنشأت مختبرًا للرياضيات
وهو الأول على مستوى المملكة، وحصلت على شهادة تميز على مستوى المملكة من جائزة
الملكة رانيا العبدالله للمعلم المتميّز على الفئة الثانية، وحرصت على حضور العديد
من الورشات التدريبية المتنوعة التي تعقدها أكاديمية الملكة رانيا لتدريب
المعلمين، وخاصة المتعلقة في تخصص الرياضيات.
لقد سعيت للالتحاق ببرنامج شبكات الرياضيات بعد حضوري لملتقى مهارات
المعلمين 2013، والذي عرض فيه إنجازات المعلمين وخبراتهم ممن التحقو في البرنامج
خلال ذلك العام، وتم عرض قصص نجاح متنوعة للمعلمين مع طلبتهم، فوقفت حائرة حينها أمام
هذه الإنجازات المبهرة وقارنتها بإنجازاتي سائلة نفسي: هل أكتفي بإنشائي لمختبر
للرياضيات يحتوي على العديد من الوسائل التعليمية، أم أنني بحاجة لأساليب تدريس
متخصصة حتى أنجز هذه الوسائل بطريقة فَضلى؟! هل أكتفي بالورشات التدريبية التربوية
المتنوعة التي أخذتها أم أنني بحاجة إلى برنامج تخصصي في الرياضيات؟! هل أكتفي
بمتابعة ورشات تدريبية قصيرة في الرياضيات تنقل بعض الأفكار أم أنني بحاجة إلى
برنامج متكامل ينمّي مهاراتي ويلبي احتياجاتي في مجال الرياضيات؟! وبعد هذه
الأسئلة الحائرة المتتابعة أيقنت أنه لا يدوم إنجاز وتميز ما لم يكن هناك تمكّن من
جوهر تخصص الرياضيات، فهنا أدركت حاجتي الماسّة للالتحاق في برنامج شبكات
الرياضيات.
التحقت في برنامج شبكات الرياضيات، وواظبت على حضور كافة الورشات التدريبية
والاجتماعات التأملية، وكان للبرنامج عظيم الأثر في مسيرتي التربوية؛ فقد اكتسبت
العديد من المهارات المهنية كتفعيل العديد من استراتيجيات التدريس الحديثة التي
ساعدتني في إدارة الغرفة الصفية مثل : إشارة الصمت، واستراتيجية فكر ناقش شارك
التي أتاحت الفرصة لطلبتي للتفكير الفردي وتشجيعهم على العمل التعاوني وزيادة
ثقتهم بأدائهم من خلال مشاركة أعمالهم مع الآخرين، واستراتيجية جولة البوستر التي
شجعت طلبتي على عرض أعمالهم وتقديمها للآخرين، بالإضافة إلى قدرتهم على تقييم
الأعمال المعروضة وتدوين الملاحظات، وتبرير الإجابات أثناء العرض، فمن خلال هذه الاستراتيجية
تعلّم طلبتي مهارات العمل التعاوني، واحترام الرأي والرأي الاّخر، وتقديم النقد
البناء المبني على الحجة والبرهان، أما بالنسبة لاستراتيجية بطاقة الخروج فقد أخذت
مكانة التقويم الختامي في أنشطتي لتكون بطاقة دخول للقاء التالي مع طلبتي.
أما بالنسبة للمهارات العلمية التي اكتسبتها من برنامج شبكات الرياضيات فقد
تركزّت في تعميق مفاهيم الرياضيات لدّي أولاً ثم لدى طلبتي، مما ساهم بشكل فعّال في
انتقال عملية تدريس بعض المفاهيم من عمليات إجرائية مجردة إلى أنشطة رياضية
محسوسة، ومن الأمثلة على ذلك: تحويل وحدة الكسور إلى أمتع الوحدات الدراسية في
منهاج الرياضيات من خلال تفعيل العديد من النماذج والأنشطة والوسائل التعليمية:
كالبلاطات، والرسومات، والأشرطة الورقية، وخط الأعداد وغيرها، بالإضافة إلى العديد
من الأنشطة التي تضمنتها الورشات التدريبية المتعلقة بمفاهيم الكسور العشرية والتفكير
المبني على المضاعفات والنسبة والتناسب والهندسة. إن أثر تعميق المفاهيم لا يقتصر
فقط على زيادة ثقة المعلم بنفسه وزيادة فاعلية أدائه داخل الغرفة الصفية، بل يتعدى
ذلك إلى تفادي الوقوع في الأخطاء الرياضية أثناء تدريسها للطلبة وكيفية التعامل
معها وتصحيحها لديهم.
يتضمن برنامج شبكات الرياضيات عدّة طرق فعّالة لقراءة إجابات الطلبة، والتي
مكنتني من معرفة مستوى طلبتي، وتحديد مستوى وعيهم وفهمهم للمفاهيم الرياضية
المطروحة، وبالتالي القدرة على تحديد احتياجاتهم، وتحديد نقاط القوة ومجالات التحسين
لديهم، وما يترتب على ذلك من تحديد للأنشطة الاثرائية والعلاجية وتحديد
استراتيجيات التدريس الملائمة؛ لمساعدتهم في توظيف الرياضيات في حياتهم العملية.
وساعدتني طرق قراءة إجابات الطلبة في بناء أدوات لاستراتيجيات التقويم الواقعي
بشكل صحيح ودقيق، بحيث تقيس أداء طلبتي بشكل دقيق، بالإضافة إلى بناء أدوات تقويم
تحقق قدرة طلبتي على تقييم أعمالهم ذاتيا بناءً على الوصف الذي تتضمنه أداة
التقويم.
طلبة يطبقون عملياً داخل حصة الرياضيات |
يزّود برنامج شبكات الرياضيات المعلمين بالعديد من الأنشطة التعليمية التي
يمكن تنفيذها أثناء العملية التعليمية، فحفزّني البرنامج على تفعيل استخدام
الوسائل التعليمية المتوفرة في مختبر الرياضيات بطرق متنوعة، بالإضافة إلى ابتكار وسائل
تعليمية جديدة من خلال استغلال الموارد المتاحة مثل: عمل وسيلة المنقلة المتحركة، واستخدام قطع الليغو لتمثيل مساحة
المربع والمستطيل، إضافة إلى تعميق مفهوم عوامل العدد.
إنّ برنامج شبكات الرياضيات لم يكن برنامجًا تخصصيًا في الرياضيات فحسب، بل
شمل عدة جوانب مهنية وأكاديمية، وأكسبني وطلبتي مهارات حياتية متنوعة كمهارة إدارة
الوقت، ومهارة إدارة الموارد المتاحة،
ومهارة العمل التعاوني، ومهارة العرض، والنقد البناء، والتبرير العلمي، والتقييم
الذاتي، وتحمل المسؤولية، والنظام والالتزام، والدقة في العمل، فجميعنا نسعى نحو
الأفضل لكن يجب أن نتبع الطريق الصحيح لتحقيق ذلك، وهذا ما فعلته أنا وطلبتي عند التحاقنا
ببرنامج شبكات الرياضيات لنحقق تعلّمًا أفضل لمستقبل أجمل.